طقوس العيد في المعتقلات والسجون السورية
طقوس العيد في المعتقلات والسجون السورية

لا يمر يوم العيد على المعتقلين السوريين كيوم عادي, فهم يمضون أيامهم في الأماني والتضرع لله أن يأتي العيد القادم وهم خارج السجون والمعتقلات وبين أهلهم وأحبائهم, “يارب تكرمنا بصيام شهر رمضان مع أهلنا، يارب تفرج عنا وتفك أسرنا قبل العيد, يارب تكرمنا بحجة وعيد مع أولادي, يارب بس روح عيَد على أمي”

في ليلة العيد يبلغ الحنين والشوق ذروته لدى المعتقلين حيث أن أكبر مخاوفهم بقضاء العيد بعيداً عن أهلهم قد بات واقعاً، فمنهم من ينزوي وحيداً ويخفي وجه عن رفاقه حتى لا يروا دموعه ومنهم من يعلو صوته بالنواح والرثاء لحاله ووضعه الإنساني المزري وذلك غالب حال من يمر بتجربة العيد الأول في المعتقل

وفي غمرة هذا الوجوم يبادر البعض بالحديث مع الآخرين للتخفيف عنهم فيتحدثون في عاداتهم التي افتقدوها هذا العيد، وخصوصاً تحضير حلويات العيد فيتبارون فيما بينهم بأطيب معمول ويعد بعضهم البعض بأنهم في العيد القادم وبعد نيل حريتهم سيحضرون الولائم وسيعزم أبو أحمد رفيقه أبو صالح ليتذوق المناسف من تحضيره، ويتباهى خالد أمام الجميع بأن طبخ والدته هو الأشهى وأنها تتقن صنع الحلويات، كما يتحدثون عن فضائل الصبر وعدم الجزع لافتقادهم أبناءهم ووالديهم وأحبائهم, تتحول الأحاديث تدريجياً إلى تهاني متبادلة وسلامات فيسامح بعضهم البعض ويتعانقون ويرتفع دعاء واحد “إن شاء الله العيد الجاية بتكون مع أهلك” ويختلط الدعاء والتهاني مع الدموع الحارة

ويحرص المعتقلون أن يكون لديهم حلو في أيام العيد حتى في ظروف الاعتقال السيئة وخصوصاً لندرة الطعام وتحديداً السكريات و يحتفظ البعض بحصتهم من المربى أو الحلاوة أو الشاي ويقومون بمزجها مع الخبز ومع ما يتوفر من قطع الفاكهة التي تقدم أحياناً لهم, فيصنعوا حلو العيد ويقومون بإهداء لقيمات الحلو لكل من يتشارك معهم المكان. كما أن المحظوظ ممن لديه ثياب بحالة جيدة يقوم بارتدائها صباح العيد ليشعر الجميع بالعيد، حيث أنهم وبسبب بقائهم فترة طويلة شبه عراة، نسوا شكل الإنسان بالملابس وتحديداً الجوارب والحذاء

في معظم الفروع يترافق العيد مع عقوبات انتقامية من السجانين بحق المعتقلين الذين لا ذنب لهم فيصب جام غضبه لغيابه عن حضور العيد مع أهله فيتفنن بالعقوبات كعيديات على المعتقلين. يفتح السجان الطاقة (الشراقة) يالله يا حمار انت واياه الكل على الحيط وايدكون لفوق هي عيديتكون يا ***ات أو يكون حظهم عقوبة جاثياً مع رفع اليدين, فيرفعون أيديهم ويدعون بالفرج لهم والموت للسجان

مايميز العيد في المعتقلات بأنه موعد مع أمل جديد بأن العيد القادم سيكون أجمل وسيكون مع أهلهم ومع كل يوم وكل عيد يقضونه في الأسر يكبر الأمل… ويبقى العيد عيداً بالرغم من الألم والجراح صمود لسان حالهم… وأمل يملأ قلوبهم… وهمة تنتظر فرصتها بحرية قريبة

نسيت خبركون: يصر المعتقلون صباح العيد على ترديد تكبيرات العيد ولو همساً, فلا يحلو العيد دون التكبيرات التي كانوا يستيقظون على أصواتها تعلو وتملأ الأجواء.

بقلم معتقل عيَد في أحد السجون الأسدية

شاركنا رأيك بالتعليق