كنت اتحسس ضرباته على بطني وأنا بمنتهى السعادة.
انتظرت رؤيته بفارغ الصبر … وعند ولادته وحين وقعت عيناي عليه وسمعت صوت بكائه أول مرة ذرفت عيناي دموع فرح.
كبر وكبرت أحلامي معه…كل يوم أسقيه حُبًا..ويمنحني تمسكًا بالحياة لأجله..
كل لحظة معه وجدت لها مكاناً حصيناً في ذاكرتي
ضحكاته..همساته..غمزاته..غنجه وحتى شغبه…
ثم كبر و كبرت أحلامي معه..وكل يوم أعلمه كلمة وخطوة..هاهو يحبو…ثم يمشي بمفرده..ويأكل ما أصنعه له بيدي .. ويتفوه كلماته الأولى ..
حين أضمه إلى صدري أشعر وكأن الدنيا بما فيها بين يدي … وأشم به رائحة الجنة لأني وبإجماع من يعرفوننا قد أحسنت تربيته بفضل الله ..
ثم كبر و كبرت أحلامي معه.. يدخل المدرسة ثم الجامعة ..
وهو يكبر.. وأحلامي تكبر به.
اعتقلوه !!!! اختفى وكأن الأرض ابتلعته
طرقت أبواب بيوت أصدقائه … بحثت عنه في الجامعة ، في المختبر ، في المكتبة … ولا أثر
لم اترك فرعأ أعرفه الا وسألت فيه ولا جواب.
دفعت ما ادخرته لمستقبله لواسطات ومحامين وتهت بين كاذب وقليل حيلة مثلي. … حتى رن الهاتف في أحد الصباحات وصوت شاب على الطرف الآخر يقول لي خالة أم محمد ابنك بخير وبيسلم عليكي وأنا كنت معو بفرع المنطقة
ومن يومها داومت صباح مساء على باب المنطقة المؤدية للفرع ، ما رضخت لتهديداتهم باعتقالي أو ضربي وعدم سماحهم لي بالوصول حتى إلى الباب.
مرت الأيام علي سنينا، حتى رن الهاتف بعد طول صمت، طلبوا مني أن اراجع الشرطة العسكرية، ذهبت مسرعة، فتشوني.. حققوا معي وبصلتي بمحمد وفحصوا الأوراق، كنت أنتظر أن أعود معه، أعطوني قصاصة ورق عليها رقم وقالوا راجعي المشفى.
لم تسعفني قدماي، فوحيدي مريض، وعلى باب المشفى أخذوا مني الورقة الصغيرة وبطاقة هويتي، وعادوا إلي بورقة أكبر … فيها اسم محمد واسمي وأنه مات نتيجة أزمة قلبية حادة، صرخت وما من مجيب، أريد أن أراه
مات دون أن أعرف كم مرة صرخ.. كم مرة حلم بي مثل ما حلمت به .. كم مرة استرجع شريط ذكرياتنا مثل ما علقت صوره بكل البيت..كم مرة توسل لهم ألا يقتلوه وأن يرجعوه إلى حضني…
منقول بتصرف.