كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ضرب المعتقلين في سجن صيدنايا بعد زيارتهم من قبل أهلهم ، ولذلك أرسلت أمنا أم رامي (رامي معتقل منذ ما يزيد عن سنتين ونصف) أرسلت لنا برسالة تقدم رأياً عن الموضوع من جوانب أرادت لنا أن نلتفت لها ونفهمها جيداً . ونضع رسالتها بين أيديكم لنناقشها ونتشارك الرأي فيما طرحته:
أنا أم شاب معتقل حرمت منه منذ سنتين وسبعة أشهر و13 يوماً اسمه رامي وويهمني قبل ان تقرأوا كلماتي أن تعرفوا أن جميع الشباب معتقلين وأحرارا ممن أكرمهم الله بعمر جديد بعد خروجهم من فم الموت هم جميعاً بمنزلة ابني رامي.
فأنا أرى فيهم ابني وأتتبع أخبارهم وأخباره، تحفر كلماتهم في وجداني، تمسح في أحيان كثيرة مخاوفي وتجدد أملي ، وفي أحيان أخرى توقظ المخاوف التي اتحاشها واحث نفسي على عدم الاستسلام لها.هذه أول مرة اتشجع على الكتابة لكم، وأود من كل قلبي ان تجد كلماتي طريقها لعقولكم وقلوبكم ، وادعو الله أن لا يغادر كلامي الصواب بإذن الله.
لا أحد ينكر بعد كم الشهادات المروعة التي قرأناها وجود الضرب في سجن صيدنايا بعد زيارة المعتقلين ولكن ومن خلال اطلاعي على الكتابات الجديدة للمفرج عنهم من صيدنيا عن الزيارات في السجن تستوقفني بعد الأفكار والتأملات وأود أن اشارككم بها ان تكرمتم وتفضلتم بالقراءة :
عندما تقرأ حول موضوع الزيارة تظن أن الضرب في صيدنايا يقتصر على هذه الحالة أو أنه يكون مختلفاً عن غيره من الأيام، مع أن الجميع يعلم أن الضرب في صيدنايا هو واقع يومي بل هو واقع دائم ومستمر ، عند ادخال الطعام وعند اخراج شهداؤنا الأحبة ، عند فتح الباب ، عند رفع الصوت وعند … وعند … فلماذا التركيز مؤخراً على موضوع الزيارة بهذا الشكل المرعب !!؟ الأمر الذي يثني الأهل عن زيارة أبنائهم ويجعلهم يخافون حتى من السؤال عنهم في الشرطة العسكرية واعرف الكثير الكثير من الحالات كذلك .
ويخطر في البال أحياناً أن أضع نفسي مكان الأم التي زارت ابنها ثم قرأت كم من العذاب تلقى بعد زيارتها كم ستلوم نفسها أنها سببت له الألم واجزم بأنها لن تكررها ؟
واذا فكرنا كم من المعتقلين في صيدنايا سيحرمون من رؤية أمهاتهم أو آبائهم أو زوجاتهم وأولادهم وأحبتهم للمرة الأخيرة فقط لأنهم خافوا من زيارتهم.
لا أريد أن يفهم من كلامي أن نعتم على الحقيقة وأن نساير أو نكذب على الأهل ولكن علينا أن نضع الكلمات في مكانها وسياقها ، فعندما تمر بتجربة سيئة أو جيدة في الاعتقال ينبغي أن لا تعمم، فالسجن فيه آلاف من المعتقلين ، والعشرات أو المئات تأتيهم زيارات أسبوعياً ، فهل يموتون كلهم ؟ هل يصابون بكسور جميعهم ؟لا أريد ان ازعجكم وأطيل ولكن بالمختصر إلى كل أم وكل أب وإلى كل من لديه معتقل من أم مكلومة :
– الموت حق الأعمار بيد الله، وحين ينتهي عمر الانسان أياً كان لن تستطيع قوة في الأرض أن تزيد في عمره لحظة، وابني الذي يموت بعد الزيارة، كان سيموت بكل الأحوال فعمره قد انتهى وربه اجتباع، وأحسب عوضا عن ترويع الأهالي أنه ممن واجبنا أن نواسي الأمهات اللواتي فقدن أبنائهن بعد زيارتهن لهم وأن نخفف عنها فحالها أفضل من الكثيرات اللواتي استشهد أبنائهن ولم يستطعن رؤيتهم منذ سنتين أو أكثر ، هذا فانون الغاب ، يعتقل الشخص .. يعذب ويعذب ويعذب ومنهم من يموت خلال التحقيق ومنهم من يبقى في العذاب والمرض سنيناً فيستشهد أو يكتب له العمر فيخرج. وكله بيد العزيز القهار.
– اعلم أنه هناك الكثير من أبنائي المعتقلين يخافون الزيارة ولكني اعلم أيضاً أن هناك آخرين لا يهمهم ما سيلقونه ولكن المهم أن يطمئنوا على أهلهم ولو لآخر مرة لا سمح الله.
– ليس كل المعتقلين الذين يخرجون للزيارة في سجن صيدنايا يموتون بعدها ، أو يصابون بكسور أو اصابات دائمة بعدها ، هناك حالات موت .. نعم ، هناك اصابات … نعم . ولكن احسبوها بالأرقام. فالموت بعد الزيارة لا يشكل شئياً أمام الموت بسبب الجوع والمرض والتعذيب والتصفية، وما كان هناك حالات يعيد الأهل الزيارة مرتين وثلاثة، كان السجان قام بتصفيته بعد أول زيارة وانتهى الأمر.
– الأغراض التي يحصل عليها المعتقلين من ألبسة هي شيء عزيز وغالي لا تحرموهم اياها بحثكم الأهل على عدم الزيارة.
– قرأت عند صوت المعتقلين مقالا يشجع الأهل على زيارة أبنائهم ويطلب منهم أن يسألوا المعتقل متى ترغب أن نزورك المرة القادمة وهو سيقدر وضعه ان كان سيخاف سيقولون لهم لا تأتوا ، أو سيقول لهم كل ما سمح لكم تعالوا، اتركوا تقدير الأمر له فهو الأدرى بوضعه وظروفه. وعلى الأهل بالمقابل أن يقدروا ذلك وينفذوا ما يطلبه ابنهم.