زيارة المعتقلين في سجن صيدنايا العسكري (2) – يرويها لكم معتقل صيدناوي سابق
|تكلمنا في مقالة سابقة عن تفاصيل زيارة المعتقل في سجن صيدنايا ، وكانت وقفتنا مع تفاصيل الزيارة التي يمر بها الأهل بدءاً من حصولهم على أذن الزيارة في الشرطة العسكرية في القابون وحتى انتهاء الزيارة وترك المعتقل
وسنعيش معكم في مقالتنا هذه تفاصيل الزيارة كما يراها المعتقل الصيدناوي وبلسان أحد المعتقلين السابقين :
لا يحق للمعتقلين في سجن صيدنايا – المبنى الأحمر التابعين للمحكمة الميدانية الزيارة إلا بعد أن يتم عرضهم على المحكمة، هذا الامر يطول وقد يتجاوز السنة كما حصل معي.
ورغم المعاناة الكبيرة للمعتقل اثناء الزيارة إلا أن الزيارة تعتبر فسحة أمل كبيرة له وأمنية يتمنى أن تتحق.
بعد تحولي مع عدد من المعتقلين إلى سجن صيدنايا الأحمر، كنا لانعلم أي شيء عن تفاصيل نظام السجن، وفيما بعد علمنا من أحد الأخوة أن الزيارات في السجن تكون يومي الأحد والثلاثاء،
وفي هذه الأثناء كنت وإخوتي المعتقلين بشوق كبير للقاء الأهل ومعرفة احوالهم، وكنا في كل لحظة ندعو الله أن يكون لقاؤنا بهم قريباً وخاصة بعد المدة الطويلة التي قضيناها في الفروع الأمنية.
وبالرغم من الكلام الذي سمعناه عن المعاملة السيئة للمعتقلين أثناء الزيارة الا أن شوقي لرؤية أهلي دفعني لتحمل كل ما يمكن أن يحصل لي مقابل الاطمئنان عليهم ورؤيتهم بعد غياب كبير وكنت أقول لإخواني المعتقلين ” ما في أي مشكلة بتحمل كم ساعة بس شوف أهلي وأحبابي.”
وحوالي الساعة 10 صباحاً في أحد أيام أيلول من عام 2012 وأثناء قدوم السجانين لأخذ المعتقلين اللذين لديهم زيارات في هذا اليوم، وإذ بهم يفتحون باب مهجعي وفجأة يذاع اسمي، في هذا اللحظات رغم الرعب المحيط بي من كل جانب والضرب والإهانة إلا أنني كنت في قمة السعادة للقاء أحبابي وفي فترة انتظاري الزيارة والتي تراوح بين 3-4 ساعات تقريباً كنت بشوق كبير لرؤية أهلي ونسيت كل ماتعرضت له في تلك الأثناء ، وكان كل تفكيري بالأسئلة التي سوف أوجهها لهم واختصارها قدر الإمكان، وبطلباتي من الثياب التي احتاجها وأصدقائي ، وكان علي ان اختصر لهفتي وأسئليتي وطلباتي بدقائق ثلاث وتحت رقابة السجانين.
كانت المسافة من قاعة الانتظار إلى شبك الزيارة حفلة عذاب ولكنها لا تنفذ إلى جسدي فأنا بإنتظار موعد طال شوقي له ويهون من أجله ألم ركلات وضربات واهانات الحاقدين. وبالفعل كان اللقاء المنتظر مع أغلى أحبابي أمي وزوجتي، لا يمكن أن لكلماتي هذه أن تصف لكم الفرح الغامر الذي ملأ قلبي والذي أعانني على التغلب على حالتي الصحية التي تردت كثيراً بعد خسارة الكثير من وزني ، غالبت دموعي ومرضي وتمالكت نفسي وحاولت أن أظهر بأحسن حال
بدأت بالاطمئنان عليهم وعلى عائلتي، ولم اتردد بطلب الكثير من الثياب التي احتاجها واخواني المعتقلين في المهجع.
وماهي إلا لحظات حتى أمرني السجان بإنهاء الزيارة … وفعلاً بكل أسف وحرقة ودعت أمي وزوجتي يملأ قلبي أمل بان ألقاهم قريباً خارج أسوار هذا السجن.
بعد هذه الرحلة الممتعة والمتعبة جداً … وصلت إلى مهجعي وما إن دخلت باب المهجع وغادر السجان من الجناح حتى بدأ إخوتي في المهجع بعناقي وتقبيلي وذلك لسببين فهم كانوا فرحين بعودتي سالماً رغم بعض الكدمات والأوجاع، وفرحين مثلي لرؤيتي أهلي واطمئناني لحالهم.
وبعد أن فرغوا من التهاني والتبريكات بدأ سيل الأسئلة عن تفاصيل الزيارة، فجميعهم كانت لديهم مخاوف من الزيارة لهول ما سمعناه، ولكن بعد اتمام زيارتي على خير وإخبارهم بهذه الفرحة الكبيرة التي أحسست بها تغير موقفهم وازداد دعاؤهم مع كل صلاة وفي كل دعاء بأن يكرمهم الله بزيارة قريبة من أهلهم.
وقد زادت فرحتهم بالثياب التي دخلت مهجعنا لأول مرة بعد أن كنا شبه عراة في برد صيدنايا ، فقد أمسكنا قطع الثياب لنشم رائحتها التي تعيد إلى حياتنا روائح من حياة شارفنا على نسيانها، كانت الزيارة حياة جديدة لنا … نشعر أنها طاقة فرج في جدران السجن التي يحيطوننا بها ويمنعوننا بواسطتها أن نتواصل مع عوالمنا التي حرمنا منها الظالم المستبد.
ولا بد لي ختاماً من أن اطلب من أهالي المعتقلين أن يحاولوا الحصول على زيارة لابنائهم المعتقلين ، وإن جاء الجواب بالرفض فليعيدوا المحاولة مراراً وتكراراً ، وأوصيكم كما أوصيت أهلي خلال الزيارة أن تزوروا أبنائكم خلال فترات متباعدة أي كل 3 أو 4 شهور زيارة على الأقل للاطمئنان ولتأمين متطلبات أبنائهم.
طبعا هذا يتوقف على وضع المعتقل ويمكن للأهل أن يستفسروا من ابنهم أثناء أول زيارة عن المدة التي يراها مناسبة لتكرار الزيارة إلى أن يأذن الله بالفرج عنه وعن جميع المعتقلين.